أكد عميد جامع الجزائر، الشّيخ محمّد المأمون القاسميّ الحسنيّ، أنه يجب النظر إلى صفة الإمام ورسالته بمفهومها الواسع، وليس فقط كونه من يصلي بالناس ويقتدي به جمهور المصلين.
ونشّط الشّيخ محمّد المأمون القاسميّ الحسنيّ، يوم الأربعاء 07 ربيع الأول 1446هـ، الموافق 11 سبتمبر 2024م، ندوة بمنتدى الذّاكرة الذي نظّمته جريدة المجاهد، إحياء لليوم الوطني للإمام، تناولت موضوع: مشاركة الأئمة في الثورة التحررية، وذلك تكريماً للعلامة الفقيد محمد طاهر أيت علجت، في الذّكرى الأولى لوفاته.
وقال عميد جامع الجزائر إن صفة الإمام، لا يُفهم منها كما يفهم بعض النّاس بهذا الفهم المحدود، وكأن الإمام هو من يُصلّي بالنّاس ويقتدي به النّاس، ويقتدي به جمهور المصلّين.. يفهمون هذه الصّفة المحدودة، نَعم الإمام في المسجد هو الذي يصلّي بالنّاس، ويقتدي به النّاس، يَأتَمُّ به النّاس في صلاتهم، ولكن الإمام بمفهومه الواسع، برسالته التي تُذكِّرنا بحقيقتها وبمواصفاتها شخصيّة علميّة مثل الذي نحتفي به، الشّيخ سيدي محمّد الطّاهر آيت علجت، عندما يوصف بأنه الإمام عندما نقول الشّيخ الطاهر أو الإمام الطاهر، ينبغي أن يُصرف الذّهن وأن يتّجه الفهم إلى هذه الرسالة بهذا المفهوم الواسع.. إلى هذه الرّسالة التي كما نصفها دائماً، كما قلت، تمتزج فيها الرّوح الدّينيّة الإسلاميّة بالرّوح الوطنيّة”.
وأضاف أن “الإمام حمل هذه الصفة عبر التّاريخ، سواء في بلادنا أو في بلاد المسلمين، هي صفة تُعطى كبار العلماء، ولاسيما العلماء الرّبانيّون المعروفون عبر التاريخ، وعندنا في الجزائر العاصمة عالمها الربّاني والولي الصّالح الشّيخ سيدي عبد الرحمن الثّعالبي.. هذا يُوصف بالإمام، ونقول الإمام الثّعالبي وهو من هو في علمه وفي ما تركه من آثار، والوليّ الصّالح الثّاني، الذي تزدان بضريحه عاصمة الجزائر، الشّيخ سيدي محمّد بن عبد الرّحمن الأزهري القشطولي الزواوي، الشيخ سيدي محمد بن عبد الرّحمن الخلوتي، مؤسس الطريقة الرّحمانية دفين بلكور”.
وحسب الشّيخ محمّد المأمون القاسميّ الحسنيّ، فإن “هذا الصّنف من العلماء الأعلام الذين حملوا لواء الشّريعة وحملوا الدّعوة إلى الإسلام، ونشروا الإسلام بسماحة دعوته، بوسطيته، بمنهجه الأصيل، وغيرهم ممن تفخر بهم الجزائر في هذه العلوم”.
وأشار إلى أنه “قد مضى على لقاء نظّمناه قبل شهور قليلة، في مدينة تيسمسيلت، ولأنها هي عاصمة الونشريس، كان الحديث فيها عن الإمام الونشريسي وما أدراك من الإمام الونشريسي بعلومه وبآثاره، والحمد لله ممّا كان في حديثنا خلال هذا اليوم وهو ما وعدنا به وأنجزناه، أن نُطلق اسمه على الكرسيّ العلميّ، وقد علمتم دون شك أنّنا بحمد الله في جامع الجزائر، افتتحنا الكراسي العلميّة في مختلف العلوم، ومنها كرسيّ الفقه، وأطلقنا على هذا الكرسي اسم الإمام الونشريسي رحمه الله”.
وأضاف أن هناك “أعلام كثيرون في بلادنا قبل ذلك، وسيدي بومدين شعيب رضي الله عنه، وهو الامام وغيره كذلك مثل الشّريف التلمساني، لأن أعلام الجزائر بحمد الله تزخر بهم ويزخر بهم تاريخنا، هم كلهم من هؤلاء الذين أنتجوا، هم الذين صنعوا.. هؤلاء الرجال هم الذين هيّئوا للأمة هذه الأجيال الصالحة”.
من جهة أخرى، دعا عميد جامع الجزائر إلى إيلاء عناية خاصّة لتاريخ الجزائر، “ولا سيما تاريخ المقاومة على امتدادها من عهد الأمير إلى عهد التحرير، وتاريخ الحركة الوطنيّة وتاريخ ثورة التّحرير، والعناية بهذا التاريخ تعني أوّلا، كما كنا وما زلنا ندعو إليه، السّعي لتصحيح هذا التاريخ لإعادة كتابته وإزالة ما لحق به من تحريف وتزييف”.
وأضاف أن من هذا التاريخ الذي “كنت أُشير إليه، شهدنا وعرفنا عن قادة من كبار قادة ثورة التحرير، وكانوا من الرعيل الأوّل لثورة نوفمبر، وكتب الله لهم جميعا الشهادة في سبيل الله، وهؤلاء إن لم أقل كلّهم على الأقل، يُمكنني أن أقول إن جلّهم ممّن عرفناهم على حقيقة تاريخهم، وكثير منهم كانت هناك صلات من قبل الثورة وخلالها، ولكن عندما تصدّى بعضهم لكتابة تاريخ أو سيرة هؤلاء، كانوا يتعرّضون لها، ويذكرون عن هؤلاء كل ما يتعلق بحياتهم من النشأة إلى الاستشهاد، إلا شيئا واحدا ألا وهو مرجعيتهم”.
وقال الشّيخ القاسميّ أنه حضر ملتقيات عقدت بمناسبة ذكريات، الشّهداء مصطفى بن بلعيد، سي الحوّاس، عميروش، يوسف زيغود وزيان عشور، رحمهم الله جميعا، فضلاً عمّا كتب في مقالات، وأن “هؤلاء المتحدثون ومن يقدمون عروضا أو أبحاثا، يتناولون حياتهم وسيرتهم، ولا يتحدّثون عن مرجعيتهم، ولكنهم في الحقيقة جميعا وبدون استثناء كان انتماؤهم إلى الزوايا، فيها تلقوا تعليمهم وإليها كانوا ينتسبون، ومنها انطلقوا إلى الحياة وإلى العمل الوطني في إطار الحركة الوطنية، ومنهم من خرج من الزوايا والتحق بثورة الجهاد”.
جَامعُ الجزائر مركزٌ دينيّ، عِلميّ، ثقافيّ وسياحِيّ، يقعُ على تراب بلديّة المُحمَّديَّة بولاية الجزائر، وسط خليجها البحريّ. تبلغُ مساحته 300.000 متر مربّع، يضمّ مسجِدا ضخما للصّلاة، يسع لـ 32000 مصلٍ، وتصلُ طاقة استيعابِه إلى 120 ألف مصلٍ عند احتساب صحنه وباحَاته الخارجيّة.
قاعة الصّلاةِ وصحنها الفسـيح، جاءت في النّصوص القانونيّة المُنشِأة للجامع، تحتَ تسميةِ “الفضاء المسجدِيّ”.
ويضُمّ المجمّعُ هياكلَ أخرى ومرافقَ سُمّيت بالهَيئات المدمجة، ووجدت هـذه المرافق لتُساهم في ترسـيخِ قِيم الدّين الإسلاميّ من: قرآن منزّلٍ وسنّةِ مطهّرة على صاحبها أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم، وكذا للحِفاظ على المرجعيّة الدّينيّة الوطنيّة، بما يخدُم مكتسبات الأمّة ويحقّق التّواصل مع الغير.