Scroll Top

خطبة الجمعة: أخلاق الصائم

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي خلق الأرضَ والسّماواتِ، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصّالحاتُ، الحمد لله الذي عَلِمَ العثراتِ فسترها على أهلها وأنزل الرّحماتِ، ثم غفرها لهم ومحا السّيئاتِ، فله الحمد ملء خزائنِ البركاتِ، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضاتُ، وعددُ الحركاتِ والسّكناتِ.

وأشهد أن لا إله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا عبد الله ورسوله، وصفيّه من خلقه وحبيبه، نشهد أنّه بلّغ الرّسالةَ، وأدّى الأمانةَ، ونصح الأمّةَ، وكشف الغمّةَ، وجاهد في الله حقّ جهاده حتى أتاه اليقين، صلوات ربّي وسلامه عليه، وعلى آله الطّيّبين الطّاهرين، وعلى الخلفاء الرّاشدين، وعلى الصّحابة أجمعين، وعلى التّابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.

أمّا بعد: أيّها المؤمنون: كثيرًا ما دعونا الله أن يبلّغنا شهرَ رمضانَ، وها هو ربُّنَا سبحانه قد استجاب دعاءنا وأمدّ في أعمارنا، فبلّغنا رمضان، ولا شك ـ أيّها المؤمنون ـ أنّ بلوغنا هذا الشّهرَ الكريم، نعمةٌ عظيمةٌ، ومِنَّةٌ جسيمةٌ.

قال تعالى: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [ إبراهيم: 34].

واعلموا عباد الله، أنّ النّعم تدوم بالشّكر، والنّعمةُ إذا شُكرت زادت وقرَّت، وإذا لم تُشكر زالت وفرَّت، كما قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7]؛ أسأل الله أن يوفّقنا لشكر نعمته، إنّه سميع مجيب.

أيّها المؤمنون، أيّتها المؤمنات: إنّ من صفات الله «الرّحيم»، ومن رحمته بعباده أن بعث فيهم نبيَّ الرّحمة، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الانبياء:107]، وأنزل عليه القرآن هدى ورحمة، وجعل الاستماع إلى القرآن والإنصات إليه رحمة، ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، وجعل الاجتماع على تلاوته رحمة، «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ»، أنزله في شهر أوّله رحمة، ووسطه مغفرة، وآخره عتق من النّار، كلّ هذا أيّها الأحباب، ليرحم الله عباده، فتراحموا بينكم، ﴿وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ﴾ [البلد: 17]، واعلموا أنّ من لا يرحمُ النّاس لا يرحمه الله .

إخواني المؤمنين، أخواتي المؤمنات: إنّ الله أمرنا بصيام هذا الشّهر الكريم، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، والتّقوى هي وقاية النّفس من عصيان أوامر الله ونواهيه وما يمنع رضاه، وهذا يعني أن يستقيم المسلم، ويتحلّى بالخُلُقِ الكريم في حياته كلِّهَا، فالصّيامُ يهدف إلى ضبط الأخلاق، كما تهدف بقيّةُ العبادات الكبرى، فالصّلاةُ تنهى عن الفحشاء والمنكر، والزّكاةُ تطهر النّفس وتزكّيها، والحجُّ يمنع الرّفث والفسوق والجدال، فإذا كانت مهمّةُ العبادات الكبرى في الإسلام هي تهذيبُ الأخلاق، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم أكّد على أنّ هذه المهمّةَ هي الهدفُ من بعثته، إذ قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ»، فيجب علينا أيّها المؤمنون والمؤمنات، ونحن نعيش في رحاب مدرسة الصّيام،  أن نتعلّم كيف نضبِطُ أخلاقنا.

وقد أسهمت مدرسة الصّيام في بناء الأخلاق من كلّ الجوانب التي يتعامل فيها الإنسان، فالصّيام يغرسُ في النّفس مكارمَ الأخلاق مع الله، كما يغرس فيها مكارمَ الأخلاق مع النّفس، ومع النّاس أجمعين؛ أمّا مكارم الأخلاق التي يغرسها الصّيام في تعامل المسلم مع ربّه، فيأتي على رأسها الإخلاصُ لله تبارك وتعالى، فالصّيامُ سِرٌّ بين العبد وربّه، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلّغ عن ربّه: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، فالصّائم يترك طعامه وشرابه وشهوته ابتغاء وجه الله، وقد تُتَاحُ الفرصةُ للإنسان حتى يأكلَ ويشربَ ويفعلَ ما يشاء، لأنّه بعيدٌ عن أعين النّاس ولا يراه أحدٌ، ولكنّه لا يفعل ذلك، لأنّه على يقين أنّ عين الله تراقبه وتراه، فيا ليت هذا الشّعور يصاحبنا في غير رمضان؛ وأمّا مكارم الأخلاق التي يغرسها الصّيام في تعامل المسلم مع نفسه، فمنها الصّبر، حيث يمتنع الإنسانُ عن شهوتي البطن والفرج وهما في متناول يده، من طلوع الفجر إلى غروب الشّمس، لا يقرب منهما شيئًا، وذلك في صورة رائعة للصّبر على طاعة الله، وقد أكّد النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ رمضان هو شهرُ الصّبر، فقال: «وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ»، فأبشروا أيّها المؤمنون الصّابرون بالجزاءِ الكريمِ، والثّوابِ الجزيلِ، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10].

ومن المكارم الأخلاقية التي يغرسها الصّيام في التّعامل مع النّفس أيضًا، سلامةُ الصّدر، فالصّائمُ لا يحقِدُ ولا يحسُدُ، ولا يتعالى على الآخرين، لأنّه يعلم أنّ الأعمال تُرفع إلى الله تعالى في كلّ يوم، وفي كلّ أسبوع، وفي كلّ عام، فيغفر الله تعالى لجميع خلقه إلّا لمشرك أو مشاحن، يقول لملائكته: «أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا»، فَقَبُولُ الأعمال متوقِّفٌ على الإخلاص لله تعالى، وعلى سلامة الصّدر لخلقه، وقد سئل ابن مسعود رضي الله عنه: «كَيْفَ كُنْتُمْ تَسْتَقْبِلُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ؟ قَالَ: مَا كَانَ أَحَدُنَا يَجْرُؤُ عَلَى اسْتِقْبَالِ الهِلَالِ وَفِي قَلبِهِ ذَرَّةُ حِقْدٍ عَلَى أَخِيهِ المُسْلِمِ».

أمّا المكارمُ الأخلاقيّةُ التي يغرسها الصّيام في تعامل المسلم مع النّاس فمتعدّدة، منها كفّ الأذى عنهم، فالصّائمُ يمسك آذاه عن النّاس، لا يسبُّهُمْ، ولا يشتُمُهُمْ، لأنّ ذلك يفسدُ صيامه، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، فالمسلمُ لا يقول الزّورَ، ولا يتحدَّثُ بالباطل، ولا يفعَلُ الشَّرَّ، حتى لا يَبطل صيامَهُ، فربَّ صائمٍ حظُّهُ من صيامه الجوع والعطش، بل إنّ المسلم يجب عليه أن يتحمّل الأذى من غيره، فالصّائمُ لا يردُّ الإساءَةَ بمثلها، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ»، يعني وقاية، «فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»، وفي هذا دعوةٌ إلى حسنِ التّعاملِ مع النّاس، وتحمّلِ أذاهم، حتى يُحَصِّلَ المسلمُ ثوابَ الصّيام.

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «إِذَا صُمْتَ، فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَآثِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَيَوْمَ صِيَامِكَ سَوَاءً».

ومن المكارم الأخلاقيّة التي يغرسها الصّيام في تعامل المسلم مع النّاس الجودُ والكرمُ، فقد «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»، والتّعبيرُ بالرّيح المرسلة يدلُّ على أنّ جودَ النبي صلى الله عليه وسلم وكرمَهُ كان يعمُّ الجميع، ولا يستثني أحدًا، تمامًا مثل الرّيح إذا أتت فهي تأتي على الجميع.

ولقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الكرمِ والجودِ، وخاصّةً في شهر رمضان، فقال: «مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ، وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ، قَالُوا: لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ، فَقَالَ: يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ، أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ، أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ».

ولمّا سمع الصّحابة رضي الله عنهم هذا الحديثَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حَرَصوا على تطبيق ذلك، فقد روى ابن ماجة أنّ سعدَ بنَ مُعَاذٍ رضي الله عنه جاء إلى الرّسول صلى الله عليه وسلم، وطلب منه أن يُفطر معه، فلبّى النبي دعوتَهُ، وبعد الإفطار قال صلى الله عليه وسلم: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ»، وفي هذا دليلٌ على أنّ إفطار الصّائمين لا يُقْصَدُ به إطعام المساكين فقط، بل يُقْصَدُ به إطعام الأهل والأحباب والأصحاب وغيرهم.

وَكَانَ رجَالٌ مِن بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَوْمِ سَيِّدِنَا عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لا يُفْطِرُون وَحْدَهُمْ أَبَدًا فِي رَمَضَانَ، فَإِذَا وَجَدُوا مَنْ يُفْطِرُ مَعَهُمْ أَخَذُوهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَإِلَّا أَخَذُوا طَعَامَهُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَأَفْطَرُوا وَأَفْطَرَ مَعَهُمْ النَّاسُ.

ومن المكارم الأخلاقية التي يغرسها الصّيام في تعامل المسلم مع النّاس، قضاءُ حاجاتهم، وعدمُ تعطيل مصالحهم، والحفاظُ على حقوقهم، وتحرّي الأمانةِ في التّعامل معهم، وخاصّةً إذا كان تاجرًا، فلا يخونُ ولا يغشُّ ولا يحتكرُ، وقد روى البخاريُّ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرى، سَمْحًا إِذَا قَضَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى».

أيّها المؤمنون، هذه هي مدرسةُ الصّيام العظيمة، تغرس فينا مكارم الأخلاق، وتجعل الصّائم منضبطًا في سلوكه مع ربّه ومع نفسه ومع النّاس أجمعين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين، والحمد لله ربّ العالمين.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصّالحات، الحمد لله حقّ حمده، حمدًا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا عبدُ الله ورسولُهُ، صاحبَ اللّواء المعقود، والحوضِ المورود، والمقامِ المحمود، وصاحبَ الشّفاعة العظمى يوم القيامة، صلوات ربّي وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمّا بعد، عبادَ الله، إنّ للصيام حِكَمًا وأسرارًا جليلةً، لعلّ من أعظمها تحريرُ الإنسان من شهواتِه، والانتصارُ على نزواته، والاستعلاءُ بأشواق الرّوح على مطالب الجسد، فإنّ من لا ينتصرُ على نفسه فلن ينتصر على عدوِّهِ.

يقول أحد العلماء: «لن نستطيع أن نُدرِكَ سِرَّ هذا الصّوم إلّا إذا أدركْنَا سِرَّ هذا الإنسان… وإذا أردنا أن نعرفَ الإنسانَ، فهو باختصار: سِرٌّ مِن الملأ الأعلى في غلافٍ مِن طين»، ذلكم هو الإنسان، رُوحٌ عُلويٌّ وجسدٌ سُفليٌّ، فالجسدُ بَيتٌ، والرُّوحُ صاحبُهُ وساكنُهُ، فالبيتُ لم يُخلَقِ لنفسه، ولكن خُلق لمَصلحة ساكنه، فعجبًا كلّ العجب للذين أهملوا أنفسهم وعُنُوا بمساكنهم، وأهمَلوا أرواحهم وعبَدوا أجسادهم.

يَا خَادِمَ الْجِسْــمِ كَــمْ تَسْــعَى لِخِدْمَتِــهِ … أَتَطْلُبُ الرِّبْحَ فِيمَا فِيهِ خُسْرَانُ

أَقْبِلْ عَلَى النَّفْسِ وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا … فَأَنْتَ بِالرُّوحِ لَا بِالْجِسْمِ إنْسَانُ

ومِن هُنَا فرَض اللهُ الصّيام على عباده لِيَتَحرَّرَ الإنسانُ مِن سلطان غرائزه، ولِيَنْطَلِقَ مِن سِجْنِ جَسَدهِ، ويَتغلَّبَ على نزعات شهوته، فيكون حينها عند الله كبعض ملائكته.

كونوا عباد الله كما امركم الله، يكن لكم كما وعدكم، وصوموا شهركم واحتسبوا ثوابه عند الرّبّ الرّحيم، واعتصموا بالله وَأَخْلِصُوا دينكم لله، ﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 197].

الدّعاء..

للتصفح والتحميل:

أخلاق الصائم – خطبة الجمعة ليوم 05 رمضان 1445هـ، 15 مارس 2024م

 

جَامعُ الجزائر مركزٌ دينيّ، عِلميّ، ثقافيّ وسياحِيّ، يقعُ على تراب بلديّة المُحمَّديَّة بولاية الجزائر، وسط خليجها البحريّ. تبلغُ مساحته 300.000 متر مربّع، يضمّ مسجِدا ضخما للصّلاة، يسع لـ 32000 مصلٍ، وتصلُ طاقة استيعابِه إلى 120 ألف مصلٍ عند احتساب صحنه وباحَاته الخارجيّة.
قاعة الصّلاةِ وصحنها الفسـيح، جاءت في النّصوص القانونيّة المُنشِأة للجامع، تحتَ تسميةِ “الفضاء المسجدِيّ”.
ويضُمّ المجمّعُ هياكلَ أخرى ومرافقَ سُمّيت بالهَيئات المدمجة، ووجدت هـذه المرافق لتُساهم في ترسـيخِ قِيم الدّين الإسلاميّ من: قرآن منزّلٍ وسنّةِ مطهّرة على صاحبها أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم، وكذا للحِفاظ على المرجعيّة الدّينيّة الوطنيّة، بما يخدُم مكتسبات الأمّة ويحقّق التّواصل مع الغير.
وجامع الجزائر هـو معلم حضاريّ، بِهندسته الفَريدة، التي زَاوجـت بين عراقة العِمارة الإسلاميّة بطَابعها المغَاربيّ الأندلسيّ، وآخِر ابْتكارات الهندسة والبِناء في العالم، حيث حقّق عدّةَ أرقامٍ قيَاسيةٍ عالميةٍ في البناء.
فمن حيث الأبْعادُ الهنْدسيةُ، يُعدّ الجامع بين المساجد الأكبر والأضْخَم عبر العالم، بل هو ثالث أكبرِ مسجدٍ في العالم بعد الحرَمين الشريفَين بمكة المُكرّمَة والمدينَةِ المنوّرَة، وهو أكبر مساجد أفْريقيا على الإطلاق، فمساحة قاعة صلاته تبلغ 22 ألف متر مربع، وقُطر قبته 50 مترا، وفُرِش بـ 27 ألف متر مربع من السجّاد الفاخر المصنوعِ محليّا، وتزيَّنت الحوافّ العلويّة لجدرانه بـ 6 آلاف متر من الزّخرفة بمختلف خطوط الكتابة العربيّة.