منارة جامع الجزائر أو المئذنة هي أبرز ما يميز المكان، صُمِّمَتْ بأصالة المآذن المغاربية على الطراز الاندلسي، وبهندسة معمارية حديثة.
هي أطول مئذنة في العالم، بارتفاع مائتين وخمسة وستين (265) مترًا، يُرفع منها الأذان، وتؤدي عدَّة وظائف عبر طوابقها الـثلاثة والأربعين (43).
انتقلت مئذنة جامع الجزائر من مجرد مكان عال يُرفع منه أذان الصلاة، إلى منارة شاهقة بوظيفة علمية وسياحية مبتكرة، إذ تضم متحفًا للحضارة الإسلامية ومركزًا للأبحاث.
يصدح منها صوت الحق عاليا في السماء «الله أكبر»، ويتمتع زوارها بالمناظر الأخّاذة للجزائر العاصمة بدوران ثلاثمائة وستين (360) درجة، فتكون فرصتهم أكبر للاكتشاف والتدبر في خلق الله.
تقوم المئذنة بالدور التاريخي للمنارة البحرية، التي تهدي السفن ليلا إلى طريقها نحو سواحل مدينة الجزائر ومينائها الواقع غرب خليج الجزائر وجامعها أيضا.
صُمِّمَتْ المنارة بخمسِ كُتَلٍ هندسية، برمزية الأرقام الفردية، التي تُشير إلى أركان الإسلام الخمسة، بالإضافة إلى الصلوات الخمس اليومية.
فمن خلال المستويات المختلفة للواجهة والزوايا الضخمة المزخرفة للممر المركزي، مع مشربية مماثلة لتلك الموجودة في الفناء الداخلي والساحة، واستحضار شكل قبة قاعة الصلاة، تُقدم المئذنة مظهرًا ممتعًا للغاية كلعبة للظلال والأضواء، التي تعزز بصريًا هيكل المبنى وتجلب العمق والتوتر للواجهة.
كما جاءت على شكل مظروف زجاجي يضيء من ناحية، باستخدام الأضواء الكاشفة، ومن ناحية أخرى يوفر للزوار حماية منصة العرض من أشعة الشمس والمطر والرياح.
بها متحف الحضارة الاسلامية يشتمل على خمسة عشر (15) طابقا، ومركز البحث في حوار الحضارات على عشرة طوابق، واستراحات، ومطعم، ومنصات المشاهدة العلوية.
في أعلى المئذنة منصة للمشاهدة في المستويين (38) و (43)، السفلية متاحة للجمهور، أما العلوية البانورامية فهي مخصصة لكبار الشخصيات.
ومنصة المشاهدة مغطاة بقبة مشربية، وتوفر إطلالة على الجزائر العاصمة والبحر الأبيض المتوسط بـ: (360) درجة دون عائق، وقد رسمت على حنيات هذه القبة نصوص قرآنية تظهر جمال فن الخط الجزائري.
وتم إبراز الزوايا الأربع للمبنى بإسقاط يبلغ حوالي ستين (60) سنتمترًا من مستوى الواجهة، ويتميز الحجر الطبيعي الصافي الأملس بإفريز زخرفي عمودي مطحون.
أما الجزء الوسيط للواجهة بين النوى التي تشكل نهاية المكعبات الخمسة، يتكون من 3 طبقات:
أ – من الخارج طبقة من المشربية المثقبة من الخرسانة مسبقة الصب ومدعومة بالألياف للحماية من أشعة الشمس.
ب – طبقة خلف الزجاج العازل الشفاف بحوالي خمسين (50) سنتمترًا كغلاف حراري، وهذان العنصران مصممان مسبقًا بارتفاع طابقٍ واحدٍ وإطارٍ واحدٍ عريضٍ، ويشكلان عناصر الواجهة المزدوجة.
ج – ستارة داخلية تجمع بين الحماية ضد التوهج، والحماية من التعتيم، توفر للمكان الظل اللازم ومناخ العمل اللطيف بدون وهج.
إن فلسفة قاعة الصلاة بجامع الجزائر، بأبعادها الفريدة في العالم، هي خَلْقُ مساحة داخلية هادئة، يميزها الضوء الطبيعي الخفي غير المباشر، والمناخ الداخلي اللطيف، والديكور البسيط، الذي يترك انطباعًا دائمًا لدى زواره، ويوفر للمصلين مكانًا مخصصًا للصمت والتأمل.
وتُضفي القبة المضاءة بشكل غير مباشر من الجانبين، ارتفاعًا مركزيًا وعموديًا لقاعة الصلاة – وهي فكرة كلاسيكية في المسجد.
والصورة الخارجية هي نتيجة لاتفاق ثلاثي بين الجزء الحجري السفلي، وعناصر البناء الوسيطة المتداخلة، وقبة الزينة العلوية التي يبلغ قطرها حوالي خمسين (50) مترًا عند القاعدة.
تتكون الواجهة من مظروف حجري، تم تقليص تفاصيله، ومبني بواسطة طيات وأفاريز وبوابات مداخل ذات ديكورات زخرفية.
والمدخل المركزي من الباحة إلى الفناء مصحوب بمستودعات أحذية مركزية.
ويوجد في غرفة الصلاة منطقة وظيفية ثانوية في الجزء الشمالي والجنوبي، منها المداخل والمخارج، وأبواب مخارج الطوارئ، والسلالم المؤدية إلى الميزانين، والمستوى (S10)، والأعمدة الفنية، ومستودعات الأحذية.
وتبلغ مساحة غرفة الصلاة حوالي واحد (1) متر مربع لكل مصل، بما في ذلك مساحة الميزانين، ويمكن أن تستوعب حوالي ست وثلاثين ألف (36000) مصل.
وتم تزيين جدران وسقوف مداخل قاعة الصلاة والفناء بزخارف جبسية منحوتة، بأيد حرفيين جزائريين موهوبين.
كما تم استخدام العوازل الزلزالية وممتصات الصدمات لقاعة الصلاة، إذ ركز التخطيط لإنشاء قاعة الصلاة على تركيب مخمدات زلزالية بين نقاط الأساس، يتمثل دورها الرئيس في تبديد طاقة التشوه للمبنى، وأيضًا فإنه لكل نقطة أساس ممتص للصدمات مثبت تحت الدعائم مباشرة، حيث تتركز الأحمال.
إن الجمع بين هذين النظامين ــ ممتص الصدمات والعوازل ــ يجعل من الممكن امتصاص الحد الأقصى، أي ما يقرب من (70 ٪) من الطاقات والحركات الزلزالية.
هي مصلى خصص للنساء، مرتفع في الطابق العلوي، مطلّ من خلف جُدُرٍ مشربيةٍ خشبيةٍ على قاعة الصلاة، طاقة استيعاب الشرفة ثمانية آلاف (8000) مصلية وبها نفس عناصر الراحة الموفّرة للمصلين الرجال.
هندستها:
ترتكز هندسة السدة على ثمانين (80) عمودًا فطريًا مثمّن الأضلاع، مزخرف بنجوم ثمانية الرؤوس، أبوابها العشرين (20) خشبية منقوشة بزخارف هندسية ونباتية، وبها أبواب مزودة بعوارض مخرمة قصد التهوية وتلطيف الجو.
الإضاءة:
تضيء الشرفةُ تسعا وثمانين 89 ثَرِيَّا مصغرة، مستوحاة من الثريّا المركزية الكبرى لقاعة الصلاة، وُزِّعَتْ بعناية تامة لتوفير إضاءة متجانسة وتناغم في محيط السدة، وتوفر القبة الداخلية بطياتها إضاءة طبيعية أيضا.
موقعها:
تدخل النساء إلى شرفة الجامع عبر مدخل واحد بثلاثة (3) طوابق من الدرج، إلى يسار المدخل الرئيسي لقاعة الصلاة الكبرى.
وزُين الدرج المصنوع من الرخام الخالص بصفين من الثريا الخارجية على طول بهو المدخل.
القاعة الشرفية VIP :
خلف جدار القبلة بقاعة الصلاة، توجد مساحة فسيحة، يحتوي جزؤها الجنوبي على قاعة شرفية لكبار المسؤولين (VIP)، تتكون من طابق أرضي وآخر علوي، بينهما درج منحوت من الرخام الأبيض.
البهو الأرضي:
يوجد في الطابق الأرضي بهو واسع للاستقبالات الرسمية، به مجسم يُعَرِّفُ بجامع الجزائر.
وتضفي الزخرفة الخزفية والأسقف العالية على المكان قمة الفخامة، يَتزيّنُ هذا الفضاء بلوحات بديعة من فن المنمنمات الجزائري.
القاعة العلوية:
الأبعاد السخية والمساحة المنشرحة للقاعة الشرفية في طابقها العلوي، تساهم في تعريف الضيوف والوفود الرسمية بالجامع وتاريخ المحمدية في هدوء وطمأنينة، وهي مكان لإجراء المحادثات، جدرانها وأرضيتها من الرخام الأبيض.
يحتفي جامع الجزائر بأئمته، فهم محور دوران هذا الصرح الحضاري العلمي، لأجل تسهيل مهامهم، ويوفر فضاء الإمام المجاور للقاعة الشرفية في الجهة الشرقية خلف جدار القبلة، كامل ظروف الراحة ووسائل العمل.
مبنى فخم:
يتواجد فضاء الإمام خلف قاعة الصلاة، ويتكون من ثلاثة (3) طوابق، قاعة الاستقبال، وجاءت على مستويين، معها مكتبة مجاورة تفتح عليها، أعلاها غرفة عمل كبيرة لمساعدي الإمام، ويقع مكتب الإمام في الطابق الثالث.
الديكور:
ديكور المكان متميز جدا عن باقي مرافق الجامع، فهو كسوة كلية من قشرة خشبية ثمينة، تعلوها أفاريز خطية لآيات من القرآن الكريم، كتبت بخط الثلث، اعتمدت الإضاءة الطبيعية نهارا من خلال فتحات زينيثال.
حديقة الإمام:
تمتد من الساحة بين القاعة الشرفية وجناح الإمام إلى ما يقابلها من حديقة، بجانبها نافورة مياه ضخمة، تتوسطها أزهار كثيرة غرست بمنتهى الدقة والعناية، تُضَاء ليلا بأنوار ملوّنة زادت المكان جمالا وإبهارا.
تحتضن الأجنحة الشمالية والجنوبية المحاذية لصحن المسجد، الأماكن الخاصة بالوضوء، وتوجد قاعات أخرى للوضوء بالطابق السّفلي، كما توجد قاعات إضافية بجناحي فضاء الإمام والقاعة الشرفية مخصصة لكبار الشخصيات.
حمّامّات أندلسية:
قاعات الوضوء بأسقفها المرتفعة التي تبلغ سبعة أمتار وفتحاتها الواسعة، تمكّن من ضمان الضوء والتهوية الجيدة.
تتميز بزخرفتها النباتية والهندسية على الخزف الموجود على جدرانها، ديكورها يذكِّر بالحمامات الأندلسية.
دورات المياه:
دورات المياه تحوي كل واحدة ألف ومائتي (1200) مكان للوضوء، ومائتين وخمس وثمانين (285) حماما في الطابق السفلي.
مقاعدها من الرخام الخالص، تتوسطها نوافير ونفاثات للمياه تبث في المكان مزيدا من الانتعاش.
هو أهم عناصر قاعة الصلاة وقبلتها، يحاكي تصميمه محراب الجامع الكبير بتلمسان.
ارتفاعه (17.4) مترًا، وعرضه (16.9) مترًا، ينقسم إلى جزأين رئيسيين هما: الواجهة والكُوَّة.
وزُيِّنَ المحرابُ بزخارف الخط الكوفي والنباتات في جزئه الرخامي، أما المساحة العظمي فمن المرمر العسلي المضيء، ونقشت عليه أسماء الله الحسنى، كما تُميِّزه خمس (5) شمسيات، وتقاسيم هندسية، وعقد في جزئه السفلي.
يتكون محراب جامع الجزائر من عناصر إبداعية، كانت لها في الماضي وظيفة معمارية، إلا أنها أصبحت تستخدم كعناصر زخرفية في الطراز المغاربي الأندلسي، كالصنجات والأعمدة وغيرها، وقد أنجز المحراب على رخام ذي جودة رفيعة، منه الرخام العادي ومنه المرمر، ويمكن تقسيم المحراب إلى جزأين هامين:
الجزء الأول: واجهة المحراب:
يبلغ ارتفاع واجهة المحراب (16.90) مترا، وعرضها (17.40) مترا، وزعت مساحته على قسمين:
1- المساحة الخارجية المحيطة: مزينة بزخرفة كتابية بالخط الكوفي للآية (35) من سورة النور: ﴿ ۞ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [ النور: 35]
والزخارف النباتية بالمحراب، هي من أرقى الزخارف التي أبدعتها أنامل المزخرف الجزائري في القرن الثالث عشر في محراب مسجد سيدي بلحسن بتلمسان خلال حكم الدولة الزيانية، تلتها تشكيلة من أروع الزخارف الهندسية والنباتية، استعيرت من التراث الزخرفي الجزائري، وزعت فوقها زخارف كتابية، ونقشت أسماء الله الحسنى، ضمن أشكال دائرية مفصصة متناسقة، في شكل متزن رشيق، بخط الثلث بأسلوب بارز على مرمر عسلي بخلفية مضيئة.
2- تحتوي مساحة المحراب الداخلية على زخارف متنوعة، لم تطلها يد التغيير منذ نشأتها إلى يومنا هذا، وتنتمي إلى حقب مختلف السلالات التي حكمت الجزائر منذ القرن الثامن إلى القرن السادس عشر، هي في غاية الجمال ودقة الاتقان من الرشاقة والرقة، بل تعد من روائع الزخرفة الجزائرية، احتفظت ببصمات أندلسية وبفنيات معمارية قرطبية.
الجزء الثاني: المساحات الداخلية للمحراب:
وتتكون المساحات الداخلية للمحراب من العناصر الزخرفية التالية:
أ – شريط الزخارف النباتية
هو شريط يفصل الساحتين الداخلية والخارجية للمحراب، وفي تصميمه تمت مراعاة مجموعة من القواعد والأسس التي تخدم أهداف التزيين والتجميل والحفاظ على النسق العام، كالتناسب والتوازن والتناظر والتشعب والتكرار العادي والانعكاسي.
يتخلل الجزء العلوي منه زخرفة كتابية (الحمد لله على نعمه) بالخط الكوفي الأندلسي الجزائري، التي قال عنها جورج مارسي “إنها تشبه تلك المستعملة في قصر الحمراء وقصر اشبيلية، أنجزت ببراعة لا يمكن تجاوزها”، ويُقصد بها الزخارف الكتابية التي زين بها محراب مسجد سيدي بلحسن تلمسان 1296 م. أما الجزآن الجانبيان: الأيمن والأيسر فقد زيّنا بعبارة “ولا غالب إلا الله” بخط النّسخ الأندلسي، تتكرر 4 مرات.
ب – الشمسيات
الشمسيات لا تختلف في العمارة الإسلامية عن القمريات إلا في الشكل، فهي نوافذ وشبابيك، عرف المستدير منها بـ (القمرية) وغير القمرية بـ (الشمسية) وتتخذ من رخام أو حجر أو جص أو خشب، مفرغة بمختلف الزخارف الهندسية والنباتية والخطية، لها مهمتان في العمارة الإسلامية:
الأولى جمالية تزيينية، والثانية معمارية، تسمح بدخول النور إلى المباني، من خلال الخروم المغطاة بالزجاج الملون، والتهوية وتلطيف الجو، في حال عدم تغطية الخروم بالزجاج.
ومن هنا نشأت علاقة وظيفية مزدوجة قوية، بين قيم عديدة: جمالية ونفعية قد يطغى فيها الجانب الجمالي على الجانب النفعي.
ويحتوي جامع الجزائر على خمس شمسيات ثلاثة منها مزينة بزخارف هندسية لنجمة، والبقية مزينة بزخارف نباتية محورة من أشكال أوراق النباتات المختلفة، في خطوط تجريدية بسيطة غير مخرومة (عمياء)، ينحصر دورها في التحميل والتزيين فقط، وعددها الإجمالي (5)، والذي يرمز إلى عدد الصلوات الخمس المفروضة وإلى أركان الإسلام، كما هو معمول به في الطراز المغاربي الأندلسي وخاصة في المساجد الكبيرة الجامعة.
ج- الشريط الثاني للزخارف الكتابية:
يتكون شريط الزخارف الكتابية من ثلاثة مستطيلات، تضمنت زخرفة خطية، بخط الثلث، ﴿قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 144] وهي مؤطّرة بزخارف هندسية متقاطعة بأسلوب بديع.
د- عقد المحراب:
ينتفخ المحراب بواسطة عقد متجاوز على شكل حدوة فرس، مزيّن باطنه بأنصاف دوائر صغيرة متشابكة مكونا بذلك عقدا صدفيا متجاوزا، ويعتبر من بين العقود التي ظهرت في قصر الحمراء خلال القرن الرابع عشر، أمثال العقد المقرنص ذي القوقعات.
وقسمت مساحة العقد إلى خمس وعشرين صنجة متباينة الأحجام، مزينة بطريقة تناوبية: جزء منها مزين بزخارف نباتية، والجزء الآخر مزين بزخارف هندسية لنجمة ذات 8 ونجمة ذات 9، وإذا جمعنا العددين حصلنا على عدد 17، وهو عدد الركعات التي يؤديها المسلم يوميا في الصلوات المفروضة.
ج- ركنيات المحراب:
زينت ركنيات المحراب بدقة متناهية، تشتمل على ركني عقد المحراب. وقد أوليت اهتماما كبيرا من جانب التصميم الزخرفي، حيث زينت بزخارف نباتية مستوحاة من الزخارف النباتية التي تزين ركني عقد مدخل مسجد المنصورة تلمسان 1299 م.
ويرتكز عقد المحراب على عمودين رُخاميين يعلوهما تاجان أندلسيان من نفس الصنف، وهما من أروع التيجان التي أبدعتها أنامل المزخرف الأندلسي بقصر الحمراء منذ القرن الثالث عشر، وهو تاج في غاية التناسق والانسجام، مزيّن من الأسفل بصفّين من زهرة “الأكانتس”، ويحمل في وسطه زخارف نباتية حلزونية متناظرة تتوسطها زخرفة كتابية بالخط الكوفي المتناظر لكلمة “يمن”.
هو من أضخم المنابر في العالم حجما وشكلا، استلهم تصميمه من منبر الجامع الكبير بالجزائر العاصمة، ومنبر صلاح الدين الأيوبي بالمسجد الأقصى المبارك. صُنع من خشب البلوط الإفريقي الرفيع، وزُيِّن بالصدف الطبيعي. ونُحِت بزخارف هندسية بها نجمة ثمانية، تعلوه قُبَيبَة مزخرف، كُتب على جنبيه بخط الثلث الأندلسي، عبارات “الملك لله” “العزة لله” “القدرة لله”. له خاصية الإخفاء في الطابق السفلي.
وهو منبر متنقل ينتمي إلى الطراز المغاربي الأندلسي يجمع بين التراث والحداثة مزود بنظام آلي للحركة صعودا ونزولا من حجرة أرضية طولها 7.5 م وعرضها 2 م وارتفاعها 5 أمتار.
يُعتبر من بين أضخم المنابر من حيث الحجم والشكل إذ يبلغ عرضه متران، أما طوله وارتفاعه فيبلغ كل منهما 7.5 أمتار، وقد صنع من خشب الزّان والأبنوس.
استُلهم تصميمه من الجامع الكبير بالجزائر الذي بناه المرابطون سنة 1097، ومنبر المسجد الأقصى المبارك والمعروف بمنبر صلاح الدين الأيوبي، الذي صنع في حلب بأمر من الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي سنة 1168 قبل تحرير الأقصى بتسعة عشر عاما.
يحتوي المنبر على عدة درجات محفوفة من الجوانب بعارضتين متصلتين، وبمدخل ينفتح بواسطة عقد حذوي تعلوه زخارف بالمُقرصنات.
واجهة العارضتين الجانبيتين مزينة بزخارف نباتية وهندسية وخطية كتبت عليها بخط الثلث الأندلسي عبارات “الملك لله” “العزة لله” “القدرة لله”، والمنبر مرصع بالصدف الطبيعي، إلى جانب شمسيات عمياء تحمل زخارف هندسية زينت واجهة كرسي الإمام بعقد نصف دائري مزين بزخارف هندسية حلزونية.
والمنبر متوج بقبيبة مزخرفة بزخارف نباتية، محصورة بها من الأعلى شرفات مسننة مزينة بزخارف نباتية وأزهار.
فُرِش جامع الجزائر، بسجاد فيروزي فاخر، مساحته 27 ألف متر مربع، صنع من أجود الخامات في العالم.
أُنجز السجاد بتصميم وحيّاكة جزائرية خالصة، وحيك بكثافة مليون نقطة في المتر المربع وبسمك 13 مليمترا، وهذه الخصائص توفر منتهى الراحة للمصلين.
وزخرفة السجاد من الرسومات الزهرية الأندلسية، تتوسطها قلادة مركزية مساحتها 1600 متر مربع، تحيطها تصاميم مصغّرة للزربية الجزائرية العريقة. يوجد منها بالجامع أشكال مختلفة ترمز لـ 29 منطقة من الوطن.
بشكلها الدائري المُبهر في الفخامة وحجمها اللافت، تتربع الثرية المركزية لقاعة الصلاة بجامع الجزائر على عرش ثريا المساجد عبر العالم. فهي الأكبر حجما والأجمل بإضاءة هادئة تعتمد الانعكاس الضوئي على الزجاج.
مواصفاتها
قطرها 13.5 متر وارتفاعها 4.5 متر، تزن 9.5 طنا. صنع هيكلها من الفولاذ الصلب وطليت بكاملها بالذهب الخالص من عيار 24 قيراطا. رصعت من كل جوانبها بـ 375 ألف قطعة بلور من نوع “شواغوفسكي”.
تصميمها
صممت الثرية المركزية على شكل مِسبحة ذات 33، برقم تسبيح المسلمين. كُتبت الباقيات الصالحات بزخرفة خطية أعلى أجزائها وبالتناوب “سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم”. تعلوها تيجان مذهّبة وتتدلى منها أقراط.
إضاءتها
من أسرار جمالها أن الثرية لا تضيء.. بل إنها مضاءة من الأعلى بثمانية كواشف إنارة. تستقبل البلورات الضوء وتعيد نشره ومضاعفته داخل قاعة الصلاة، مما يضفي مزيدا من السكينة والطمأنينة لدى المصلين.
تُزَيِّن جامع الجزائر حديقة هندسية، مساحتها 000 170 متر مربع، تتوسط جنبي الجامع الشمالي والجنوبي، غُرست بها أشجار جاء ذِكرها في القرآن الكريم، مثل التين والزيتون والرماّن، ونباتات عطرية أخرى ذات روائح زكية، على غرار السدر والزعتر وإكليل الجبل، كما توجد أنواع من الورود بين مربعات الحديقة، مثل الورد الجوري والورد الدمشقي والياسمين الأصفر.
وجود كل هذه المساحات للحدائق بجامع الجزائر، لم يكن صدفة ولا اعتباطا، بل محاكاة لحضارة المسلمين في الأندلس، حيث ازدهرت الحدائق الغنّاء وسط الساحات المربعة لقصورهم والمساجد، وأضافت نوافير المياه المُضاءة ليْلا مزيدًا من الروْنقِ والجمال على الأشجار، فصارت جِنان جامع الجزائر آية في الجمال.
يسمى أهم جزء من هذه المساحات الخضراء، الحديقة الموضوعاتية، حيث عكف المهندسون الزراعيون ومصممو الحدائق، على ملاءمة نباتات كل جزء من هذه الحديقة مع موضوع واحد مثل: حديقة الظلال والحديقة البيضاء وحديقة غرناطة، وتضم الحدائق مختلف أشجار الحمضيات المعروفة في منطقة البحر الأبيض المتوسط مثل: البرتقال والبرتقال المرّ والليمون.
زيتونة القدس
فلسطين في قلب الجزائريين وبتراب جامعهم أيضا.. فقد نُقلت ثلاث شجيرات زيتون في تراب قدسي، من ساحة الأقصى الشريف إلى حديقة جامع الجزائر، وغَرسها عميد جامع الجزائر الشيخ محمد المَأْمون القاسمي الحَسني رفقة قادة فلسطينيين، يوم أول نوفمبر 2022، بمناسبة انعقاد قمة جامعة الدول العربية بالجزائر، والذي تزامن أيضا مع ذكرى اندلاع الثورة التحريرية عام 1954.
الحديقة الشرقية
حديقة المُتنزه الشرقي، بمحاذاة مبنى العمادة، حمّلت رسالة قوية للتاريخ، فقد ضَمّت أشجار نخيل عمرها نحو قرنين من الزمن، أُبُقيت قائمة من زمن احتلال الكنيسة للمكان خلال عهد الاستعمار الفرنسي، فهذه النخلات تحقق مبدأ عظيما في الإسلام وهو عدم الإفساد في الأرض، كما تبث، وهي باسقات روحا جزائرية مفادها “نتجاوز ولا ننسى”، فضلا عن أنها تتحقق فيها آية من آيات الله في ملكه: “والله متم نوره ولو كره الكافرون”.
حديقة الإمام:
في ساحة القاعة الشرفية وجناح الإمام، تمتد حديقة غنّاءٍ مزينة بالأزهار البيضاء والملوّنة، سمّيت “حديقة الإمام”، رفعة لشأن الإمام واحتفاء به في هذ الصرح الفريد.
وبهذه الحديقة نافورة مياه ضخمة تُضَاء ليلا، فتُبهر بأنوارها الملوّنَة وهي أكثر مساحة توجد بها أزهار.
تُوّجت قاعة الصلاة بجامع الجزائر بقبة عظيمة تظهر من بعيد، ذات جدارين، قبة داخلية وأخرى خارجية زادت الشكل العام فخامة، ويعلوها جامور طُلي بورق الذهب، أضاف لمسة إبداع لشكل المقرنصات.
القبة الخارجية
يبلغ قطر الجدار الخارجي حوالي 50 مترًا، وارتفاعها 27 مترًا، وتبعد عن سطح الأرض بحوالي 44 مترًا، وتتكون من عناصر مصنوعة من خرسانة مسلحة بالألياف مطلية على شكل أوراق شجر.
القبة الداخلية
يبلغ قطر الجدار الداخلي 39 مترًا وارتفاعه إلى 20 مترًا، يتكون من طيّات وثنايا مزودة بفتحات تسمح بمرور الضوء الطبيعي بشكل غير مباشر وتعديله داخل قاعة الصلاة، وهي نفسها زخرفة القبة من الداخل.
الجامور
بارتفاع يقدر بـ 7 أمتار، يحوي الجامور مجموعة زخرفية تتكون من عمود تنتظم فيه ثلاث كرات ذهبية مختلفة الأحجام، ويعلوه هلال وجه طرفاه إلى القبلة، ووُضعت في وسطه قطعة معدنية لالتقاط قوة الصواعق.
مداخل جامع الجزائر الرئيسية أربعة (4)، تحمل أسماء لأحقاب تاريخية مرت عليها الجزائر، وهي باب المحمّدية نسبة لاسم المنطقة التي شُيّد بها الجامع، باب النصر ويمثل انتصار الجزائر على المستعمر، باب الفتح، وباب المصالحة نسبة لميثاق المصالحة الوطنية.
وعدد أبواب جامع الجزائر في الفضاء المسجدي 236 باب، وهي تحف فنية زخرفية حجمها ضخم، صُنعت من أرقى أنواع الخشب وزخرفت في طراز جزائري بتقنيات الأسلاف عن طريق النقش والحز والحفر.
المدخل الرئيسي
أبواب المدخل الرئيسي لقاعة الصلاة ثلاثة (3)، مقوّسة، من دفتين مصفحتين بالنحاس، ارتفاعها 12 مترا وعرضها 8 أمتار، تزن الدفة الواحدة 9.5 طن، زُوّدت بمحركات تسيير مركزي للتحكم عن بعد.
الأبواب الداخلية
عدد الأبواب الداخلية لقاعة الصلاة 134 باب، منقوشة بطريقة مبهرة على خشب البلوط الصلب، ومنحوتة بزخارف هندسية ونباتية، جُهّزت بأنظمة مضادة للذُعر يتم فتحها أوتوماتيكيا في حالة الطوارئ.
الأبواب الخارجية
عدد الأبواب الخارجية 102، وهي مغطاة بصفائح النحاس المنقوش أو المضغوط، ملئت فراغاتها العمودية بزخارف نباتية متشابكة وزخارف خطية كتبت بالخط الكوفي الأندلسي.
يحتوي جامع الجزائر على ما يقرب من 6000 متر من الخط، موزعة على المباني المختلفة للمُجمّع، وعلى عدة دعامات، وهي الحجر الطبيعي الترافرتين والرخام ولكن أيضًا على الخشب والجص.
تم اختيار النصوص القرآنية، أحاديث الرسول (صلى الله عليه الله سلم)، بالإضافة إلى الاقتباسات الأخرى التي وضعتها لجنة كانت مهمتها اختيار النصوص، والتحقق من كتابتها من قبل الخطاطين والتحقق من صحتها، وكذلك التحقق من العمل بمجرد تثبيته في الموقع.
والزخرفة بجامع الجزائر لم توجد لغرض الزينة فقط، فهي أيضا لتوثيق التراث الإسلامي الجزائري والحفاظ عليه، ونقله للأجيال ما بقي هذا الصرح الحضاري قائما.
بالجامع أكثر من 50 لوحة منمنمات بالقاعة الشرفية وببوابات قاعة الصلاة وبيوت الوضوء، مثلما كانت حمامات الأندلس، وقد اختير مكانها لتكون في طريق جمهور المصلين.
وأبدع رسامو لوحات الجامع في رسمها، فبعضهم كان تلميذ محمد راسم، أبو فن المنمنمات ومؤسس المدرسة الجزائرية ورائد النهضة الحديثة في العالم، فهو من رفع هذا الفن الجزائري إلى العالمية، بعدما ترسَّخ عبر العصور الإسلامية ببغداد وسمرقند وبلاد فارس والقسطنطينية.
والمنمنمات رسم دقيق كثير التفاصيل والزخرفة، ظهر للوجود مع تطور الحضارة الإسلامية، حين احتاج الكتاب في مجال الطب والعلوم صورا تشرح كتاباتهم، فاستعانوا برسامين جسدوا رسومات جسم الإنسان وعمليات التشريح بتفاصيل متناهية الدّقة، وفي مساحات صغيرة جدا لم تتعد صفحة الكتاب، وتطور هذا الفن بعدها ليصوّر حياة الناس ويومياتهم بتفاصيل دقيقة جدا.
يرتكز رسم المنمنمات على المساحات المسطّحة واستخراج التفاصيل الدقيقة مع زخرفة نباتية حاضرة بقوة، وألوان حارَّة صاخبةٍ وكثير من خطوط الذهب، تماما مثلما هو مجسّد في لوحات جامع الجزائر.
للنحّاس مكانة خاصة في زينة العمارة الإسلامية، فلم تخل بناية ولا قصر ولا مسجد إلا وتزيّن بمصنوعات من نحّاس، سواء داخل جنباته أو على واجهاته الخارجية.
وجامع الجزائر لم يشذّ عن هذه القاعدة، رغم هندسته العصرية، فروح العمارة الاسلامية تجسّدت على بواباته الشاهقة التي غلّفت بالنحاس العتيق في طابع إسلامي بديع، حيث تظهر وهي مصطفّة بشموخ وكأنها من زمن بعيد.
وبالنحّاس صُنعت مقابض الأبواب ومِقرعَاتها الضخمة ذات الوزن الثقيل، التي تحاكي مقّرعات الحصون والقلاع، ويكفي الوقوف أمامها وتأمُّل إبداع الحرفيين الذين صنعوها لنعرف أن هذا الإرث لا ينبغي أن ينقطع من عمارة المسلمين ومساجدهم.
وثُريا النحّاس والفوانيس، تنتشر هي الأخرى في ربوع الجامع، بين قاعة الصلاة وصحنها، إلى قاعة كبار الشخصيات وبيوت الوضوء، والهدف هو ضرورة حضور هذا العنصر المهمّ في ديكور العمارة الإسلامية، فأينما عُلّقت الفوانيس اشرأبت إليها الأعناق لتتحسس جمالها وتغازل دقة صنعها، فتبارك من ألهم صانعيها.
يتميز جامع الجزائر بأعمدته المنتشرة في كل مكان وعددها 618، وقاعة الصلاة ترتكز على أعمدة فطرية ذات تيجان مثمنة الأضلاع، مزخرفة بنجوم ثمانية الرؤوس، يقدر عددها بـ 32.
التهوية
صُنعت أعمدة قاعة الصلاة من خرسانة مسلحة بيضاء عالية الجودة بأسفلها دعائم رخامية مزخرفة مخرّمة تحتوي على شبكات للتهوية، وتتوزع باقي الأعمدة وعددها 80 عمودا في كامل أرجاء قاعة الصلاة.
مياه الأمطار
تم تصميم هذه الأعمدة أيضا لتجميع مياه الأمطار من الأسطح، وتوجيهها إلى الخزان الرئيسي، من خلال قنوات متكاملة تسمح بإعادة تدويرها وتجعل المشروع مستداما للغاية.
جامع الجزائر مبنِي فوق أرضية جيولوجية مليئة بالرواسب السطحية، لكن هذا المعطى التقني لم ينفلت من حساب الخبراء القائمين على المشروع، وصُمّمت البنايات بهندسة عالية المواصفات لمواجهة هذه التحديات.
نظام العزل الزلزالي
المبنى يرتكز على دعامات وأسس تخضع لحسابات تقنية علمية مدروسة بأنظمة عزل زلزالي حديثة.
استخدم هذا النظام في أساسات قاعة الصلاة، حيث يكمن دوره في امتصاص الطاقة الزلزالية بنسبة 70% لتحفظ المبنى سليما بإذن الله.
ممتصات ومخمِّدات الصدمات
تحت قاعة الصلاة وبالطابق تحت أرضي، يوجد 246 عازل و80 ممتصا ومُخَمِّدا للصدمات موزعة على كل مساحة قاعة الصلاة، مما يجعله ملجأ للطوارئ في حالة حدوث الزلزال.
ابتكار تقنيات
التعقيدات المعمارية والتقنية للمشروع، تطلبت ابتكارات قامت بتطويرها شركات الإنجاز، وأُسس المنارة تطلبت تقنيات معقدة اعتمدت على أسس علمية وتقنية مبتكرة وجد حديثة.
تكنولوجيا الأبراج العملاقة
تطَلَّب بناء المنارة استخدام تكنولوجيا الأبراج العملاقة، وترتكز أسسها على دعائم في أقفاص فولاذية ضخمة صُبت عليها خرسانة مسلحة بعمق 48 م لتحمل ثقل وعلوها الممتد بـ 265 م فوق سطح الأرض.
في محيط جامع الجزائر مساحة تقدر بـ 4000 متر مربع من المسطحات المائية والنوافير تجعل المجمع كله منتعشا، تتحوّل هذه الفضاءات الشفافة في صمت الليل إلى تحفة مائية غاية في الروعة والإبداع، تضمن جوا مريحا خاصة في حر الصيف.
في الساحات والحدائق
تتوسط صحن المسجد 4 أحواض مائية محاطة بالأشجار المظلّلة، وأحواض مضاءة ليلا سعتها 75 متر مكعب بالفناء الخارجي للمجمع غربا، وتُزَيِّن الحديقة الإسلامية للمركب أحواض ونوافير كثيرة تبث السكينة وتدعو للتأمل والخشوع.
التشغيل والمعالجة
النوافير مزوَّدة بأحدث التقنيات في التشغيل، يُمكن زيادة غزارة المياه وتعديلها حسب درجة قوة الرياح، كما يمكن تشغيلها وبرمجتها آليا، وأيضا توقيفها بالوقت المراد، وزُوِّدت النوافير بنظام معالجة المياه.
الإضاءة بالألوان
هي لمسة جمال إضافية تُميِّز نوافير جامع الجزائر، ففي حديقة الإمام توجد نافورة من الحجم الكبير، فيها نفاثات للمياه الغزيرة، تُضاء ليلا بالألوان لتنافس بهاء الورود والأزهار المحاطة بها.
أولِيت في إنجاز جامع الجزائر أهمية كبرى للحفاظ على البيئة، من خلال تركيب الألواح الشمسية لإنتاج الكهرباء للمجمع، ويقوم نظام تجميع المياه المستعملة بمعالجتها بالتكنولوجيا الحيوية.
وبهدف التقليل من استهلاك الطاقة، أُنشئت على مستوى سطح المركز الثقافي، ألواح كهروضوئية تمكّن من إنتاج 30 % من الطاقة الكهربائية لتشغيل المبنى، وتُوفّر ألواح الطاقة الشمسية الماء الساخن لمبنى دار القرآن، كما توجد أعمدة كهروضوئية تنير فضاء الإمام والحديقة ليلا.
ولجامع الجزائر نظام ذكي يقتصد الماء، فالأعمدة التي ترتكز عليها معظم المباني خصصت لتجميع مياه الأمطار وتوجيهها نحو خزّان تحت-أرضي، سعته 6500 متر مكعب تستعمل للوضوء والسقي، كما تتم تصفية المياه المستعملة لإعادة استعمالها في الصرف الصحي.
ونظام الإنارة داخل الجامع، بما فيه قاعة الصلاة، هو نظام اقتصادي، وكذلك نظام تشغيل النوافير الذي لا يسمح بتبذير المياه ولا الطاقة.
يحتوي الجامع على موقف كبير للسيارات مختلفة الأحجام، مؤلف من طابقين تحت أرضيين يقعان تحت الفناء الخارجي، ويمتدان إلى الجزء الغربي من الحديقة الجنوبية لجامع الجزائر، بطاقة استيعاب 4000 سيارة ومساحة 14 هكتارا.
باحتوائه على ثلاثة مداخل وثلاثة مخارج أخرى، يُسيّر مرآب السيارات لجامع الجزائر بأحدث التقنيات والتكنولوجيات المعمول بها دوليا، كنظام الدفع الآلي والعادي لتذاكر الدخول، كما هو مزود بأحدث كاميرات المراقبة والتوجيه في حالة حدوث الطوارئ.
أما النظام الثاني، فهو لتسيير حركة السيارات داخل موقف السيارات عن طريق كواشف ولوحات ضوئية توضيحية تنبه الزوار في حالة الاكتظاظ، وتوجههم للأماكن الشاغرة في باقي المواقف لركن السيارات في ظروف آمنة، مع وجود مكتب للحماية المدنية للتدخل في حال التبليغ عن حوادث.
وموقف السيارات لجامع الجزائر مقسم إلى أربعة أجزاء، كل جزء بلون معين لتسهيل دخول وخروج السيارات دون حوادث.