Scroll Top

خطبة الجمعة: رمضان شهر الانتصارات

رمضان شهر الانتصارات

 الخطبة الأولى

الحمدُ للهِ ناصرِ من التجأ بحماه ولاذ برضاه واتبع هداه، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له؛ القائل في محكم التّنزيل: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [سورة غافر: 51].

والقائل: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [سورة المجادلة: 20].

والصّلاة والسّلام على نصير الضّعفاء سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم قاهر الأعداء، اللّهمّ صلّ وسلّم عليه صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم العرض على ربّ الأرض والسّماء.

وبعد: فإنّي أوصيكم أيّها المؤمنون بتقوى الله تعالى، فهي وصيّته سبحانه للأوّلين والآخرين، قال عزّ من قائل: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [سورة النساء: 130].

أيّها المؤمنون:

لقد مَنَّ الله علينا بهذا الشّهر الكريم الفضيل، وَرَتَّبَ على طاعته فيه الثّوابَ الجزيلَ، وجعل من أعظم ما يتخرَّج به المسلمُ من مدرسةِ رمضانَ؛ انتصارُهُ على نفسِهِ وعلى الشّيطانِ الرّجيمِ؛ وعلى كلِّ ما فُتح عليه من زينةِ هذه الحياةِ الفانيةِ وزخرفِهَا، ليرقى بنفسه في مَصَافِّ الكمالَاتِ، ويَنَالَ عند اللهِ أعلى الدّرجاتِ.

ولئن تجلّى فضلُ الله على عبادِهِ الصّائمين على مستوى خاصّة أنفسهم؛ وأذاقهم طعمَ النّصرِ على أنفسِهِمْ الأمّارَةِ بالسّوءِ، فأمكنهم من كَبْحِ جِمَاحِهَا وكَفِّ غَيِّهَا وغِوَايَتِهَا، فإنّ فضلَ الله على مجموعِ أمّةِ حبيبِهِ سيِّدِنَا محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم لا يقلُّ عن الأوّلِ، وإنّ النّاظِرَ في تاريخِ هذه الأمّةِ النّاصِعِ ليجد من انتصاراتِها ما يبعث فينا الأملَ باستردَادِ مكانتِهَا، وتبوّئِهَا ريادة الأممِ كما أراد لها اللهُ عزّ وجلّ ذلك، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [سورة آل عمران: 110].

وهذا على الرّغم ممّا تعانيه من تحالفِ قوى الشَّرِّ عليها (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [سورة الأنفال: 30].

وإنّ الأمّةَ التي لا تقرأ تاريخَهَا لا يمكنُهَا أن تَخُطَّ مستقبَلَهَا؛ ولا أن تفهَمَ حَاضِرَهَا.

معاشر المؤمنين:

في رَمَضَانَ كَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ بِقِيَادَةِ سيّدنا محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وقد وصفها القرآنُ بيوم الفرقان، فقال تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة الأنفال: 41].

وكانت بدايَةَ رحلَةِ العِزِّ والكَرَامَةِ بعد أن كان المسلمون يُسَامُونَ سُوءَ العَذَابِ، وجعلَ النّصرَ فيها نعمةً تستوجبُ شكرَ المؤمنين ربّهم، (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة آل عمران: 123].

وفِي رَمَضَانَ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ لِلْهِجْرَةِ، وكان يومُ الفتح إيذانًا بنقلةٍ تاريخيّةٍ من التّمكينِ للإسلامِ والمسلمين، فخسر الكُفْرُ أهمَّ معاقِلِهِ وأنصارِهِ في بلادِ العربِ، وبدأ النّاسُ يدخلون في دينِ الله أفواجًا، وأضحت مكّةُ قلعةً منيعةً لدين الله تعالى.

وفِي رَمَضَانَ كَانَتْ مَعْرَكَةُ الْقَادِسِيَّةِ بِقِيَادَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه.

وفِي رَمَضانَ فُتِحَتْ بِلادُ الْأَنْدَلُسِ عَلَى يَدِ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ رحمه الله.

وفِي رَمَضانَ وَقَعَتْ مَعْرَكَةُ حِطِّينَ، وَالَّتِي اسْتَرَدَّ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فِي رَمَضانَ، انْتَصَرَ الْمُسْلِمُونَ بِقِيَادَةِ «سَيْفِ الدِّينِ قُطُز» عَلَى التَّتَارِ، وكانوا أقوى جيشٍ في العالمِ في ذلك الزّمنِ، وكان ذلك فِي مَعْرَكَةِ عَيْنِ جَالُوتَ، وفِي رَمَضانَ فُتِحَتِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ عَلَى يَدِ مُحَمَّدٍ الْفَاتِحِ رحمَهُ اللهُ.

وفي رمضانَ أَرَّخَ التّاريخُ ببلادنا لكثيرٍ من المعاركِ البطوليَّةِ ضدّ المحتلِّ الغاصبِ، ذكّرتنا بأمجادِ بدرٍ، وكانت إيذانًا بانبلاجِ الفجرِ؛ فجرِ الحريّةِ والاستقلالِ، ورحم الله شاعرَ ثورتِنَا مُفدي زكريا حين قال:

نُوفَمْبَرُ غَيَّرْتَ مَجْرَى الْحَيَاةِ    وَكُنْتَ نُوفَمْبَرَ مَطْلَعَ فَجْـــرِ!

وَذَكَّرْتَنَا فِي الْجَزَائِـــــرِ بـــــدْرًا     فَقُمْنَا نُضَاهِي صَحَابَةَ بَدْرِ

وفي رمضانَ حدثت حربُ أكتوبر سنة 1973، التي حطّمت كذبةَ الجيشِ الذي لا يُقهرُ، وأذاقته من الهزائِمِ ما لم يتجرعه مُذْ زُرِع في جسدِ هذه الأمّةِ كالسّرطانِ سنة 1948.

وفي شهرِ رمضانَ من هذا العامِ أُقيمت أوّلُ صلاةِ تراويح بجامِعِ الجزائرِ، في هذه البقعةِ التي أراد الاحتلالُ جعلَهَا منطلقًا للتّنصيرِ، بإنشاءِ مدرسةِ الآباءِ البيضِ كما سمّاها الكردينال لافيجري، ولكنْ أَبَى اللهُ إلّا أن تكون محمّديّةً، لتعلن عودتها إلى سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ويشاءُ اللهُ أن يُبنى مكانَ تلك المدرسةِ جامعٌ، هو ثالثُ أكبرِ جامعٍ في الدّنيا بعد الحرمين الشّريفين، ليكون منارةَ خيرٍ وهدى وإرشادٍ للعالمين.

إنّها ملاحمٌ عظيمةٌ سطّرها آباؤُنَا في سجلِّ التّاريخِ بأحرفٍ من ذهبٍ، عنوانها (نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) [سورة الصف: 13].

إخوة الإيمان:

هذه الانتصاراتُ وغيرُهَا، رفعت من قدرِ الأمّةِ الإسلاميّةِ على بقيّةِ الشّعوبِ، ومكّن اللهُ لها في الأرضِ؛ لتَوَحُّدِهَا وحسنِ توكّلِهَا على ربِّهَا، واتّخاذِها الأسباب اللّازمة للنّصرِ، وقد امتدت تلك الانتصاراتُ منذ بزوغِ نورِ النّبوّةِ في عهدي الدّعوةِ السّريّةِ والهجرة النّبويّةِ، ثمّ الخلافةِ الرّاشدةِ، إلى نهايةِ خلافةِ الدّولةِ العثمانيّةِ التي انهارت بسبب اتّحاد قوى الشّرّ ضدّها، وهذه ليست كلَّ الانتصاراتِ، بل إنّ القارئَ في التّاريخِ الإسلاميِّ سيجد غيرها كثيرًا ممّا لا تتّسِعُ لاستيعابِهِ هذه الدّقائق، ونحن بحاجةٍ إلى استفادةِ نتائجِ هذه الانتصاراتِ في حاضرِنَا واستشرافِ ما ينفعُنَا في مستقبلِنَا.

وإن تعجب فعجبٌ كيف استطاع أولئك القيامَ بمثلِ هذه الانتصاراتِ في وقتِ الصّيامِ، وقد تكون في أياّمِ صيفٍ حارٍّ!، إنّ ذلك ليس بغريبٍ من أناسٍ جعلوا الإسلامَ همّهم، وقدّموا إعلاءَ رايته على كلِّ شيءٍ، فهو شهرٌ عظيمٌ جعله الله تعالى شهرَ انتصاراتٍ وعزّةٍ للإسلام والمسلمين، وها نحن اليوم نذكُرُ تاريخًا كان بالأمس لنتّخذه عبرةً لنا، نستفيد دروسَهُ في حياتنا؛ بالتزامنا الحقّ وما يدعو إليه الإسلامُ من العلم والعمل.

نسأل الله تعالى أن ينصرنا على أعدائنا، إنّه على ما يشاء قديرٌ، وبالإجابة جديرٌ.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنّ ربّي غفورٌ رحيمٌ.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله على إحسانه، والشّكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهدُ أنّ سيّدنا محمّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ الدّاعي إلى رضوانِهِ، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابِهِ وأزواجِهِ وذريّتِهِ وإخوانِهِ.

ألا واتّقوا الله ــ عبادَ الله ــ حقّ التّقوى، وراقبُوهُ في السّرِّ والنّجوى، واعلموا ــ رحمكم الله ــ أنّه في مثل هذه الأيّامِ المباركاتِ، كان إعلانُ يومِ النّصرِ لشعبنا الجزائريِّ المسلمِ، في التّاسعِ عشرَ من شهرِ مارس عام 1962، إيذانًا بانتهاءِ أزيدَ من قرنٍ وثلثِ قرنٍ من الاحتلالِ الفرنسيِّ الغاشمِ، جَثَمَ خلالها على أرضنا، وأَذَاقَ فيها شعبَنَا الأبيَّ كلَّ أنواعِ العذابِ، من قتلٍ وتشريدٍ وحرقٍ وتنكيلٍ، لا يمكن مقارنَتُهُ إلّا بما يجري اليومَ لإخوانِنَا في فلسطينَ عامَّةً، وفي قطاعِ غزّةَ خاصَّةً، ولكن حين يأذن اللهُ بساعةِ النّصرِ، فإنّه يهيِّئُ لها أسبابَهَا، ويبعث في النّاسِ من يحيِي فيهم فضيلَةَ الجهادِ الأكبَرِ، وهذا ما قام به فِتْيَةٌ آمنوا بربّهم فأعلنوا بدايةَ المقاومَةِ المقدّسَةِ لاستردادِ الأرضِ وتطهيرِ العِرْضِ من دَنَسِ الاحتلالِ، وقد كان الثّمنُ باهظًا كما نراه اليوم تمامًا فيما يدفعه إخوانُنَا المرابطون الصّامدون في فلسطين، من أرواحٍ بريئَةٍ استباحَهَا الكيانُ الغاصبُ، وإنّنا على يقينٍ أنّ اللهَ ناصرُهُمْ، فقد قال ربُّنَا جلّ في علاه: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [سورة الأنفال: 10].

وقال نبيُّنَا صلّى الله عليه وسلّم: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الدِّينِ ظَاهِرِينَ، لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ».

فاللّهمّ انصر عبادَكَ المرابطين المجاهدين في فلسطين على أعدائهم يا ربَّ العالمين.

اللّهمّ كن لهم عونًا ونصيرًا يا أرحَمَ الرّاحمين.

اللّهمّ ارحم إخوانَنَا المستضعفين في غَزَّةَ، الله أطعم جائعَهُم، واكْسُ عاريَهُمْ، وشاف مريضَهُمْ، وأمّن خائفَهُمْ، وارحم ميّتَهُمْ، وتَقَبَّل في أعلى الدّرجَات شهيدَهُمْ.

اللّهمّ احفظ بلدنا الجزائر من كلّ سوءٍ، وسائِرَ بلادِ المسلمين.

اللّهمّ إنّا نسألك الأمنَ في البلدِ، والعافيةَ في الجسدِ، والإصلاحَ في الولدِ.

ربّنا آتنا في الدّنيا حسنَةً، وفي الآخرة حسنَةً، وَقِنَا عذابَ النّارِ، برحمَاكَ يا أرحَمَ الرّاحمين.

اللّهمّ قد مضى من الشّهرِ معظَمُهُ، وبقي خيرُهُ وأعظمُهُ، فوفّقنا لاغتنامِ ما فيه من ليالِ العشرِ الأخيرةِ، واجعلنا في ختامِهِ من المقبولين، آمين.

ثمّ صَلُّوا ــ رحمكم الله ــ على سيّدنا محمّدٍ، الذي أمركم اللهُ بالصّلاة والسّلام عليه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [سورة الأحزاب: 56].

اللّهمّ صلّ على سيّدنا محمّدٍ، وعلى آل سيّدنا محمّدٍ، كما صلّيت على سيّدنا إبراهيمَ وعلى آل سيّدنا إبراهيمَ، وبارك على سيّدنا محمّدٍ، وعلى آل سيّدنا محمّدٍ، كما باركت على سيّدنا إبراهيمَ، وعلى آل سيّدنا إبراهيمَ، في العالمين إنّك حميدٌ مجيدٌ.

عبادَ الله.

(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [سورة النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه يزدكم، (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [سورة العنكبوت: 45].

ويغفرُ اللهُ لي ولكم، وهو الغفورُ الرّحيمُ.

 

للتصفح والتحميل:

خطبة الجمعة الرابعة: رمضان شهر الانتصارات الشيخ حسين وعليلي

 

جَامعُ الجزائر مركزٌ دينيّ، عِلميّ، ثقافيّ وسياحِيّ، يقعُ على تراب بلديّة المُحمَّديَّة بولاية الجزائر، وسط خليجها البحريّ. تبلغُ مساحته 300.000 متر مربّع، يضمّ مسجِدا ضخما للصّلاة، يسع لـ 32000 مصلٍ، وتصلُ طاقة استيعابِه إلى 120 ألف مصلٍ عند احتساب صحنه وباحَاته الخارجيّة.
قاعة الصّلاةِ وصحنها الفسـيح، جاءت في النّصوص القانونيّة المُنشِأة للجامع، تحتَ تسميةِ “الفضاء المسجدِيّ”.
ويضُمّ المجمّعُ هياكلَ أخرى ومرافقَ سُمّيت بالهَيئات المدمجة، ووجدت هـذه المرافق لتُساهم في ترسـيخِ قِيم الدّين الإسلاميّ من: قرآن منزّلٍ وسنّةِ مطهّرة على صاحبها أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم، وكذا للحِفاظ على المرجعيّة الدّينيّة الوطنيّة، بما يخدُم مكتسبات الأمّة ويحقّق التّواصل مع الغير.
وجامع الجزائر هـو معلم حضاريّ، بِهندسته الفَريدة، التي زَاوجـت بين عراقة العِمارة الإسلاميّة بطَابعها المغَاربيّ الأندلسيّ، وآخِر ابْتكارات الهندسة والبِناء في العالم، حيث حقّق عدّةَ أرقامٍ قيَاسيةٍ عالميةٍ في البناء.
فمن حيث الأبْعادُ الهنْدسيةُ، يُعدّ الجامع بين المساجد الأكبر والأضْخَم عبر العالم، بل هو ثالث أكبرِ مسجدٍ في العالم بعد الحرَمين الشريفَين بمكة المُكرّمَة والمدينَةِ المنوّرَة، وهو أكبر مساجد أفْريقيا على الإطلاق، فمساحة قاعة صلاته تبلغ 22 ألف متر مربع، وقُطر قبته 50 مترا، وفُرِش بـ 27 ألف متر مربع من السجّاد الفاخر المصنوعِ محليّا، وتزيَّنت الحوافّ العلويّة لجدرانه بـ 6 آلاف متر من الزّخرفة بمختلف خطوط الكتابة العربيّة.